التعليم التجاري
الباحث التربوي / عباس سبتي
أثبتت بعض الدراسات
التربوية على أن المدارس الخاصة توفر جودة تعليم عالية لطلابها خاصة تلك المدارس
التي تفرض رسوم عالية لدخولها ، وإلى عهد قريب كان ظن أولياء أمور الطلاب أن هذه
المدارس تجعل طلبتها " سوبر مان" لكن ظهرت دراسات جديدة تخيب آمال هؤلاء
الأولياء ، بل يظن أكثرهم أن التعليم الحكومي قد يقدم تعليماً أفضل من كثير من
المدارس التجارية ( الخاصة ) ، ويظن بعض آخر أن المحسوبية وعدم الإخلاص في العمل
والفساد الإداري قد طال كثيراً من المدارس الخاصة على الرغم من انها تقدم تعليماً
أفضل من التعليم الحكومي .
وظهرت دراسات في مصر
تبين أن التعليم في طريقه إلى أن يصبح سلعة تجارية تحتاج إلى دعاية وإدارة جيدة ،
فقد ذكرت إحدى الدراسات أن الدروس الخصوصية تأخذ 25% من دخل الأسرة وهناك شكوى
بتدني التعليم الحكومي مما دفع أولياء الأمور إلى الاعتماد على الدروس
الخصوصية ، وأن الجودة التعليمية يجدها
صاحب القدرة المالية .
في خضم الاتجار بالتعليم
ظهر مفهوم جديد ألا وهو " الاستثمار في البشر " ، حيث أن رجال الأعمال
كانوا يشتكون من ضعف المخرجات التعليمية في التعليم الرسمي وتخوف بعض منهم من
تعيين خريجي التعليم الحكومي بل والخاص في شركاتهم ، لهذا ظهر هذا المفهوم من أجل
البحث عن الأيدي الفنية العالية والعقول المفكرة التي يمكن الاعتماد عليها في
إدارة الشركات والتنافس معها ، والمساهمة في تطوير منتجاتها ، ولهذا يفكر بعض أولياء
أمور الطلاب أصحاب بعد في التفكير واستشراف المستقبل أن يبحث لابنه التعليم الذي
يصنع من ابنه آلة يعتمد عليها أصحاب الشركات .
نتيجة لتردي الأحوال
التعليمية في كثير من دول العالم بات الناس يخافون أن تؤثر هذه الأحوال سلباً على
مستقبل أبنائهم ، لذا ظهر ما يسمى التعليم التجاري ولعل الدروس الخصوصية شكلي
تقليدي له وهناك المعاهد التدريبية وبيوتات الخبرة التي تتنافس في جذ ب الطلاب
والمتدربين , ولكن للأسف التعليم أو لنقل التدريب ليس بمستوى الطموحات في الغالب ،
لماذا ؟
الجواب هو أن الإنسان
إنسان ذو مشاعر واحاسيس وليس آلة نشكلها ونطوعها وفق أهوائنا ، وإذا كان التركيز
على تعليم هذا الإنسان وفق مواصفات معينة فأنه يصبح عبداً لهذه الشركة أو تلك ، أو
أنه لا يقيم وزناً للمشاعر والقيم وهذا ما نسمعه ونقرأه عن تسريح الموظفين من
الشركات الكبرى والصغيرة أبان الأزمة المالية العالمية الحالية ما يعني تعرض أسرهم
للفقر والعوز .
وفي الكويت سمعنا تسريح
كثير من الموظفين الكويتيين من شركات القطاع الخاص بسبب هذه الأزمة المالية ، فهل
يحمي التعليم بالاتجار خريجي هذا التعليم ؟
سؤال مطروح على الجميع ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق