السبت، 30 نوفمبر 2013

تنمية المراقبة الذاتية




تنمية المراقبة الذاتية
الباحث التربوي / عباس سبتي

     جاء في إحدى الجرائد اليومية بتاريخ 3/1/2010 مقال بعنوان " الكاميرات المدرسية بين الواقع والطموح التربوي " ، وقد عرض المقال مشروع " الكاميرات المدرسية " ولكنه مشروع ليس بجديد ، حيث طبق قبل سنوات في بعض مدارس دولة الإمارات العربية وقد أشرت إلى ذلك في " المعلم ، العدد 1512 ، في 5/4/2008 "  وكان لهذا المشروع مؤيدون ومعارضون .

     في الكويت يتبين من المقال السابق أن المشروع سوف يطبق بسبب الظواهر السلبية أو السلوكيات المنحرفة لبعض الطلاب منها السرقات وإتلاف أثاث ومرافق المدرسة والكتابة على الجدران في الفصول وخارجها وظاهرة التدخين وظاهرة الفوضى الإخلال بنظام المدرسة أو بنظام  الفصل ووو ... .

     إن مشروع الكاميرات المدرسية قدم إلى وزيرة التربية السابقة ولكن لم تبت بهذا المشروع لماذا ؟  وعرض المقال السابق ملاحظات وزيرة التربية الحالية منها عدم تثبيت الكاميرات في الملاعب وفي الفصول ودورات المياه وفي إدارة المدرسة ، لأنها تتعارض مع خصوصية الإنسان وتتعارض مع قيم المجتمع الكويتي ، لكن الوزيرة اقترحت أن تثبت الكاميرات في مواقف السيارات وعند مدخل المدرسة .

     أقول هل اقتراحات الوزيرة تعني يجب تطبيق هذا المشروع ؟

     لا بد من عرض بعض الملاحظات :
     - يجب دراسة كلفة المشروع مالياً .
     - يجب دراسة رأي أهل الميدان التربوي .
     - الإطلاع على الأدبيات والبحوث للتعرف على الدول التي طبقت هذا المشروع ودراسة الإيجابيات و السلبيات بعد تطبيق المشروع .
     - تطبيق برامج عملية لتعديل السلوك المنحرف في المدارس من خلال تبني وتنمية  " المراقبة الذاتية " عند الطلاب .
     - مطالبة نواب مجلس الأمة وبالخصوص اللجنة التعليمية بدراسة جدوى وفائدة هذا المشروع من خلال إجراء الدراسات الميدانية قبل تطبيق المشروع .

السرقة تطال مدارسنا ، ماذا يعني ذلك ؟!
     لدي أبنان في إحدى المدارس الثانوية كلاهما اشتكى بتعرضه إلى السرقة ، سرقة " ساندوش " وسرقة آلة حاسبة تستخدم للرياضيات في الثانوية وهي غالية الثمن ، وأخيراً سرقة " بنطلون " من الفصل وطلاب الصف في حصة الألعاب .. وسرقة ... وسرقة .... على لسان حال بقية أولياء الأمور .

     لقد كتبت في إحدى المقالات تحت عنوان " تجسس أو تعديل سلوك " في أحد أعداد " المعلم " على ضوء تنصيب كاميرات مراقبة في بعض مدارس دولة الإمارات وكان لهذا المشروع من مؤيدين ومعارضين ، ويكفي أن المنحرف سلوكيا يتحايل على هذه الكاميرات كما بالنسبة للمجرمين وأصحاب السوابق كما جاء على لسان المعارضين .

     وقد تكون كاميرات المراقبة احد الحلول لظاهرة السرقة في مجتمع أفراده أغنياء ويفترض أن أبناء هذا المجتمع لا يدفعهم " السرقة " بدافع الفقر لكن ماذا نفسر ذلك ؟

     قد يكون الجواب أن الطلاب في مرحلة المراهقة يلجئون إلى السرقة بدافع حب المخاطرة والمغامرة وهم يقلدون نجوم التلفاز والسينما بهذه السلوكيات المنحرفة ، وهل هذا جواب مقنع ؟ ثم  لماذا يصل الأمر بطلابنا للقيام بهذه السلوكيات ؟ فأين التربية وأين دور الإدارة المدرسية وهي تسمع عن هذه السلوكيات ؟ ثم ما دور أولياء أمور هؤلاء الطلاب الذين يقومون بسرقة زملائهم في المدرسة ، ماذا نقول لهؤلاء الطلاب الذين سوف يتخرجون ويكونون رجالاً لغدهم فهل يخلصون لوطنهم ؟ وقد تناقلت الصحف اليومية عن سرقات " ضخمة " ألا يعني أن هؤلاء اللصوص كانوا لصوصاً صغاراً في مدارسهم يوماً ما ؟ ألا يحتاج منا كباحثين أن ندرس حالة السرقة لدى أبنائنا دراسة علمية ؟ أم نقول ما يقوله بعض أنها نزوات شباب وطيش سوف يتخلى عنها هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم هل هذا القول يكفي ؟؟ أم أن هذه الظاهرة  من نتائج عصر العولمة وإفرازاتها حيث أن الفرد لا يفكر بالأخلاقيات والقيم ولا يقيم لها وزناً وقيمة ؟   أم  ماذا نفسر بقية الجرائم التي ترصدها عيون الصحافة اليومية ، فهل تفتح عيون أبنائنا على ممارسة هذه التجاوزات أم لا ؟

     وأخيراً يجب تكاتف الجهود للتصدي لظاهرة السرقة في المدارس بعد عجز الإدارات المدرسية وضياع أصوات الواعظين وصم آذان الطلاب وفشل الكاميرات الخفية  ، الكلام موجه إلى المعنيين بوزارة التربية .

الغياب ظاهرة متجددة
     أجريت دراسات عديدة بخصوص غياب الطلاب عن المدرسة ، ولا يختلف أحد على أسباب ظاهرة الغياب وتعددها مع انتشار هذه الظاهرة في الكثير من دول العالم ، ولكن الملفت للنظر أنها لا تعالج بالطرق المتبعة أو التي أوصى بها الباحثون وغيرهم ، وقد يقول قائل أن هذه الطرق تتبع وقد تحد من هذه الظاهرة ولكن لا تختفي عن عالم المدارس ، لماذا ؟؟

     اكتب هذا المقال وأنا في حزن وقلق أن انتشار هذه الظاهرة يتزايد في مدارسنا ، وأن الغياب له عواقب وخيمة ليس على الطلاب أنفسهم بل على بقية أفراد المجتمع وعلى الوطن .

     وإذا رجعنا إلى الوراء نجد أن المناطق الخارجية أو مدارس منطقتي الأحمدي والجهراء التعليميتين كانت تعاني أكثر من المناطق الداخلية ، وخاصة مع نهاية الأسبوع أو اليوم الأخير من الأسبوع ، وتمثلت الظاهرة أيضا قبل وبعد العطل الرسمية  ، ثم أن ظاهرة الغياب تتعدى نتائجها الوخيمة أسوار المدرسة ، لكننا رأينا كتربويين أن تفشي هذه الظاهرة ليس وراءها الطلاب أو هم السبب الرئيس في ولادتها ، لكن الوالدين وبقية أفراد المجتمع يتحملون القسط الأكبر من المسئولية ، ولعل الدراسات الحديثة في منطقتنا الخليجية قد أشارت إلى هذه الأسباب ، لكن التوعية التي يبثها المعلمون وأولياء الأمور  تذهب أدراج الرياح بسبب تساهل الإدارات المدرسية خاصة في المرحلة الثانوية في ضبط ظاهرة الغياب والحد منها .

     إن الغياب كظاهرة يتساهل بها بعض التربويين في المدارس بسبب عدم تحمل مسئولية تربية الأبناء مع غياب مفهوم خدمة هذا الوطن ، بل لا يشعر بعض أفراد المجتمع بهذه المسئولية أيضا وبالتالي يساهم في تغيب أبنائهم بحجج واهية أضعف من بيت العنكبوت ، وأهمها تغيب الأم عن مقر العمل لتفقد أحوال الأبناء في البيت .

     في الغالب يعد شهر فبراير شهر يتوقف فيه العمل والدراسة في بلادنا ، بسبب  إجازة نصف السنة في الأسبوعين الأوليين من هذا الشهر ، والتسيب والتسرب عن المدرسة بعد هذه الإجازة وإلى نهاية الشهر ، كل ذلك بسبب أن المواطنين مشغولون باحتفالات العيد الوطني كما يدعي بعض الغيورين ، وكأن بالغياب عن المدارس والوزارات يعبر عن الفرحة بالعيد الوطني ويتناسى هذا وذاك تعطيل خدمات الدولة وتوقف عجلة التنمية في البلاد ، والتشجيع على ظاهرة الغياب .

     ينبغي أن نحترم أيام الدراسة واحترام جدول توزيع موضوعات المنهج ، بل ومجرد البقاء دقائق معدودة في المدرسة  أو في الوزارة هو من خدمة الوطن ، ومن ثم نقضي على ضعف دافعية التعلم لدى أبنائنا وكرههم للدراسة ، ونرغب موظفينا على احترام ساعات العمل .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق